اذا كانت حياتك كتابا … وانت كنت المؤلف … كيف كنت تريد لقصتك أن تبدأ …؟
هذا هو اول سؤال طرحته “ايمي بوردي” في احد المؤتمرات التحفيزية التي تشارك فيها لتحكي قصتها وما مرت به من محن ساعدتها لتكون على منصة هذا المسرح اليوم.
لنقرأ معا قصة فتاة في مقتبل عمرها ، فتنة الشباب والاحلام تأخذها الى اقصى بقاع الارض بعيدا عن صحراء لاس فيجاس الحارة كان اول احلامها. وان تكون حرة طليقة تسافر في كل مكان على الارض هو اعظم حلم لها خاصة ان تذهب للتزحلق على الجليد والشعور بالبرد في اطرافها …. كان حلم حياتها.
عندما بلغت سن التاسعة عشر وبعد تخرجها من المدرسة الثانوية سافرت لتعمل أخصائية تدليك في احد المناطق الباردة وهنا تحقق الى حد ما احد احلامها وهو العيش في منطقة تثلج.
“كل ما كنت احتاجه هو يداي وطاولة التدليك بجواري ، وبهؤلاء لدي القدرة لأسافر إلى اي مكان في العالم ، فأنا حرة واستطيع التحكم في حياتي”
الا انه في يوما من الايام حينما كانت تغادر عملها متجهة الى المنزل شعرت بارتفاع بسيط في حرارتها ظنت انها ربما تكون “حمى” بسيطة. لكن في اقل من 24 ساعة كانت في المستشفى ، على اجهزة الانعاش ، مع اقل من 2% احتمال للنجاة كما صرح اطباؤها. ودخلت في غيبوبة لأيام ، وهنا جاء تشخيص طبيبها كالتهاب جرثومي في السحايا. ومرت فترة تعتبر الاسوأ في حياتها ، مر شهران ونصف خسرت خلالهما … طحالها ، كليتيها ، حاسة السمع في اذنها اليسرى ، وساقيها الاثنتين من اسفل الركبة.
وهنا تتذكر اميلي تلك اللحظة التي خرجت فيها من المشفى على كرسي متحرك يجرها والدها وتسير بجوارها والدتها ، وحينما وصلت للمنزل ظنت ان الاسوأ قد مر . ولكن لم تمر الا ايام قليلة وجاءت اول لحظة ترى فيها ساقيها الجديدتين وهنا تصف اميلي تلك اللحظة بأنها خالفت كل ما توقعته بالكامل وبدموع تنهمر على وجهها ارتدت الساقين الجديدتين وقفت وشعرت بألم شديد ليس فقط في ساقيها ، وانما الالم الداخلي الذي شعرت به اقسى بكثير من آلام جسدها . فكيف لها الآن ان تكمل حلمها وتسافر حول العالم وتخوض المغامرات التي طالما رسمت لها الوانا واشكالا….! والسؤال الأهم الذي طرحته على نفسها … هو كيف ستتزلج على الجليد مرة أخرى …؟!
ومرت شهور عدة وهي قاعة في فراشها ممدة فاقدة الوعي ، هاربة من الواقع المؤلم. ولكنها علمت في قرارة نفسها لكي تتغلب على حاضرها الأليم وتمضي في حياتها عليها ان … تنسى ايمي القديمة….! وتتعلم حب واحترام “ايمي الجديدة” …!
وهنا اضاء في عقلها طريقا جديدا وانهالت الافكار ….
لا يجب ان يكون طولي 5.5 قدم بعد الآن … يمكنني ان اكون بالطول الذي اريده …! او بالقصر الذي اريده …!
واذا ما تزلجت مجددا على الجليد لن تتجمد قدماي …!
وافضل ما جاء في خاطرها هو انها تستطيع ان تجعل مقاس قدمها يتناسب مع اي مقاس آخر في فترة الاوكازيونات …. !
هذا بالفعل ما فعلته … نظرت الى الفوائد التي قد تعود عليها من وراء ما حدث لها . لم تنظر فقط الى الجانب السيء وما ستخسره. وانما فكرت فيما يمكن ان تكسب من هذا الموقف العصيب، وكيف تتعايش معه وتحبه وتقدره لتنجح في حياتها.
وهنا جاءت اللحظة الحاسمة ، التي سألت فيها نفسها “اذا كانت حياتي كتابا … وانا كنت المؤلف … كيف كنت اريد لها ان تحدث …؟”
وبدأت بالحلم مجددا. واطلقت لخيالها العنان كما لو كانت طفلة صغيرة. وتخيلت نفسها وهي تتزلج على الجليد وتمشي بكل رشاقة وآمنت بكل جوارحها بهذا الحلم. ولم تمض الا اربعة اشهر ، وبالفعل ذهبت في رحلة للتزلج على الجليد . وعلى الرغم من انها لم تنتهي كما هو متوقع ، حيث اصيبت في حاد بسيط اثناء تزلجها واصطدمت بالمتزلجين الآخرين وطارت المزلجة بقدميها المثبتتين عليها بعيدا وهي ظلت تنظر لهما وتترقب الحدث بالكامل. ولكنها في هذه اللحظة ادركت ان عليها البحث عن القدمين المناسبتين للتزلج على الجليد بدلا من البكاء على ما حدث.
ان حدودنا والعوائق التي تواجهنا تفعلا شيئان فقط اما أن توقفنا بمنتصف الطريق أو أن تجبرنا على أن نصبح مبدعين
وبعد مرور عام كامل من البحث عما تريده ، لم توفق فيه قررت هي ومن يصنع لها الاقدام على ابتكار الاقدام المناسبة لها كما تتخيلها بالضبط. وكانت افضل واعظم هدية تلقتها ايمي في عيد ميلادها الواحد والعشرين هو زوج من الاقدام مع انه بسيط ومكون من اجزاء قديمة “مسامير صدئة – لصق وردي مشع – مطاط وخشب”. وتبرع لها والدها بكليته. وعادت مجددا ايمي للحياة الطبيعية وعادت للمدرسة وعادت للتزحلق على الجليد من جديد.
وفي عام 2005 شاركت في تأسيس مؤسسة غير ربحية للشباب وصغار البالغين الذين يعانون من الاعاقة الجسدية حتى تساعدهم في المشاركة بالرياضات المختلفة. وكانت هذه هي الفرصة التي جاءت لها لتسافر الى جنوب افريقيا ، حيث شاركت في تسليم الآلاف من ااطفال احذية ليتمكنوا من الذهاب الى مدارسهم.
وفي فبراير عام 2011 ربحت جائزتين كأس العالم والميدالية الفضية في البطولة البارالمبية في التزلج على الجليد. وبهذا اكتسبت لقب ” اكثر انثى متكيفة تتزلج على الجليد في العالم”
وتؤكد ايمي على ان عقولنا قادرة على تحقيق احلامنا طالما نحن نؤمن بها. وعلينا مواجهة مخاوفنا وجها لوجه. وعلينا الا ننظر الى التحديات التي تواجهنا على انها عقبات ، علينا ان ننظر اليها كبركات تساعدنا في اشعال مخيلتنا والمضي لتحقيق احلامنا.
شيريهان عيد
قصة اكثر من راااااااااااااااااااااااااااااااائعة نتعلم منها الصبر والمصابرة وازاى نكون احسن ونرضا .